مدن ليبية ذات اصول امازيغية
مدينة مسلاته " منطقة تقع شرق مدينة
طرابلس بمسافة 125 كم " ، و ينتمي سكان مدينة مسلاته الأصليون إلى قبيلة
لواتة الليبية الأمازيغية المشهورة ولكنهم حالياً كلهم يتكلمون العربية
لاستعرابهم بعد الفتح الإسلامي ، و ليس فيها من يتكلم الأمازيغية كما هو
الحال في العديد من المدن الليبية الأخرى.
نسبة كبيرة من السكان
الموجودين الآن ليسوا من السكان الأصليين – قبيلة لواتة - فقد هاجروا من
مدن أخرى مثل الشعافيين الذين ينزحون من قبائل بنى وليد و الفاتير الذين
ينزحون من زليطن – الأمازيغ أيضاً
مدينة غريان " منطقةٌ جبليةٌ تقع
جنوب غرب مدينة طرابلس بمسافة 94 كم " و ترهونة " منطقةٌ تقع جنوب شرق
طرابلس بمسافة 85 كم " و جزء من مسلاتة و ورفلة " منطقةٌ تقع في جنوب شرق
مدينة طرابلس بمسافة 170 كم " ، نجد قبيلة أمازيغية أخرى هي قبيلة هوارة من
أكبر قبائل شمال إفريقيا التي استقر أكبر عدد من أبنائها في مدينة –
صبراتة - ، التي أخذت اسمها من هوار بن أوريغ بن برنس الذي غلب اسمه على
أسماء اخوته ملد و مغر و قلدن فسموا جميعاً بهوارة .
و تنقسم هوارة
إلى عدة بطون ، فإلى هوار بن أوريغ تنتمي بطون كهلان و غريان و مسلاتة و
مجريس و ورغة و زكاوة و ونيفن ، و إلى مغر تنتمي بطون ماوس و زمور وكياد و
سراى و ورجين و منداسة و كركودة، وإلى قلدن تنتمي بطون قمصانة و رصطيف و
بيانة، و إلى بطون ملد تنتمي بطون مليلة و وسطط و ورفل و مسراتة و أسيل،
ومن البطون المنتمية أيضا إلى هوارة، ترهونة و هراغة و شتاتة و انداوة و
هنزونة و أوطيطة و صنبرة .
خلال القرن التاسع إفرنجي امتدت ديار
هوارة في إقليم طرابلس ما بين تاورغاء و مدينة طرابلس، و حملت عدد من
المناطق في الإقليم أسماء بطونها مثل مسراتة و ورفلة و غريان و مسلاتة و
ترهونة ، وقد شاركت قبائل هوارة مشاركة فعالة في الثورات التي قامت في
أواخر حكم الدولة الأموية في عام 131 هـ " 748 م " ، و استمرت خلال
الدولتين العباسية والأغلبية حتى قيام الدولة العبيدية .
أما قبائل
ورفلة ، فكما يرد في كتاب سكان ليبيا لأنريكو ؤوغوستين(9) " تنتمي قبائل
ورفلة الى أمازيغ هوارة جذم البرانس ، حيث توجد دلائل مثل انعدام القرابة
بين قبائل ورفلة و بقية القبائل المجاورة يدفعنا الى الاعتقاد الى أن الدم
العربي ضئيلٌ جداً ، إذا لم يكن منعدماً " ، و من هذه القبائل أولاد ساسي ،
و المناسلة و العمائتة و السعدات و قبائل ورفلة الوسطيين ، فالقبيلة
العربية الوحيدة هي قبيلة الصيعان الفوقيين ، أما الصيعان الوطيين فهم
أمازيغ من قبيلة السعدات .
و ذكر ابن خلدون أن قبائل ونيفن و
قيصرون و نصورة من هوارة تقيم بين مدينتي تبسة و باجة ، و تقيم في غرب
الجزائر قبائل من هوارة من بينها قبيلة مسراتة التي يقيم جزء منها بإقليم
طرابلس ، ومنهم من استقر في فزان " منطقة واسعة تضم جنوب غرب ليبيا الآن،
ومركزها مدينة سبها التي تبعد جنوب مدينة طرابلس بمسافة 970 كم، ومن مدن
فزان اليوم مرزق و غات و أوباري وبراك " ، وكانت لهم دولة عاصمتها زويلة
حكمها بني الخطاب منهم، واستمروا في حكمها حتى عام ﻫ 806 .
و قد
هاجر جزء من هوارة إلى برقه وأقاموا بها، ثم هاجروا منها إلى مصر، وكانوا
في القرن الثالث عشر إفرنجي ينتقلون بين مرسى الكنائس والبحيرة ، ثم نزحوا
في سنة 1380 م من البحيرة إلى الصعيد بعد نزاع نشب بينهم وبين زنارة و
استقروا بجرجا و ما حولها" محافظة سوهاج الآن " ، ثم انتشروا في معظم الوجه
القبلي ما بين قوص" محافظة قنا الآن " ، إلى غربي الأعمال البهنساوية "
محافظة المنيا الآن " ، وذكر القلقشندي في نهاية الأرب أربعة وثلاثين بطنا
من هوارة بالصعيد وهم " بنو محمد وأولاد مأمن وبندار والعرايا و الشللة و
أشحوم و أولاد مؤمنين و الروابع و الروكة و البردكية و البهاليل و الأصابغة
و الدناجلة والمواسية و البلازد و الصوامع و السدادرة و الزيانية و
الخيافشة و الطردة والأهلة و أزليتن و أسلين و بنو قمير و النية و التبابعة
والغنائم و فزارة و العبابدة و ساورة و غلبان و حديد و السبعة و الإمرة
فيهم لأولاد عمرو و في الأعمال البهنساوية و ما معها لأولد غريب" .
فالهجرات الليبية للقبائل الأمازيغية الى مصر قديمة قدم التاريخ ، فتحت
وطأة الجفاف بدأت القبائل الليبية تزحف شرقاً منذ الألف الرابع قبل الميلاد
، حيث بادرت قبيلة التحنو الى الهجرة نحو وادي النيل في هجرات تضم عشرات
الألوف من رجال القبائل الذين خرجوا مع أبنائهم و زوجاتهم هرباً من الجفاف
نحو مصادر المياه الدائمة في نهر النيل .
فمن هوارة من استقر بعد
ذلك بالقاهرة والوجه البحري، كما يوجد اليوم عائلات تحمل لقب الهواري ببلاد
الشام، يمكن القول أنها قدمت من مصر ومن بلاد شمال إفريقيا ، وقد تكون هي
ذاتها القبائل التي ينسب أصل الأمازيغ إليها في – اليمن – لأسباب المنطوقات
الفونولوجية لبعض قليل من قبائل اليمن ، حيث لا يمكن أن نلغي فكرة وجود
قبائل أمازيغية هاجرت من شمال إفريقيا أو مصر الى اليمن -رغم كون مسألة
المقارنة اللغوية – لم تحدث بين هذه اللهجات و اللغة الأمازيغية .
أما مدن الخمس و لبدة و منطقة ساحل الأحامد فهي موطن يقطنه أبناء قبيلة -
كتامة - ، في حين أن سكان النواح الأربع و جنزور و ورشفّانة هم أبناء قبيلة
- زناتة – الأمازيغية ، في حين كانت قبيلة صنهاجة – تقيم غرب طرابلس
ومعظمها في زوارة والجبل الغربي، وجنوباً في مزدة وسيناون ووادي الشاطئ و
القطرون ، و عُرفت بسيادتها في الشمال الأفريقي وخرجت منها سلالات حاكمة
مثل الزيريين والحماديين والمرابطون ، و كان ابنها الإمام "شرف الدين محمد
بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري" رائد شعراء مدح الرسول الكريم ، أشهر
ما كتبه كان قصيدة الهمزية الشهيرة التي يقول في مطلعها :
كيف ترقـى رُقيَّك الأنبيـاءُ
يا سماء ما طاولتها سمـاءُ؟
لم يساووك في عُلاك وقد حـال
سنى منك دونهم وسناءُ
عند النظر الى خريطة – ليبيا – و توزيعه القبائل الليبية – الأمازيغية –
أبان الفتح الإسلامي- الذي تؤكد كل المصادر التاريخية أن ليبيا بأسرها –
ابتداء من برقة وصولاً الى طرابلس –، قد حررت بناء على – معاهدات – بين
عمرو بن العاص و القبائل الليبية !! ! ، يقول ابن أبي الحكم في أحد مراجعه ،
يقول أيوب الحضرمي " عن أبيه قال : سمعت عمرو بن العاص على المنبر يقول :
لأهل أنطابلس عهد يوفى لهم به " ، يقول عبد الله بن عمرو واصفاً حالة الوآم
التي كانت تسود شمال إفريقيا بين القبائل الأمازيغية و سلطة الخلافة قبيل
هجرة قبائل بني هلال و بني سليم الى شمال إفريقيا " لولا مالي بالحجاز
لنزلت برقة ، فما أعلم منزلا أسلم و لا أعزل منها ، على خلاف ما حدث عند
تولي – عقبة بن نافع الفهري – أمور الفتح خليفة للفاتح مهاجر ابن دينار –
الفارسي – و التي شابها التلويث و التشويه بفكرة التقتيل و السيطرة و
التدمير التي أتى بها عقبة خلافاً لسياسة ابن دينار ، فنجد أن هذه تقسم كما
يرد في كتاب سكان ليبيا لأنريكو ؤغوستين ، هذا الكتاب الذي يمثل بشهادة
الكاتب الليبي خليفة محمد التليسي ، يمثل قيمة تاريخية ، يمك ن أن تنطلق
منه دراسات اجتماعية أنتروبولوجية هامة ، حيث يشكل قاعدة هامة عند الحديث
عن التركيبة الإثنية لليبيا ، حيث ترد القبائل الليبية في موسوعة – تاريخنا
- كما يلي :
قبائل زناتة : تقيم ناحية سهل الجفارة و مجموعات في غرب يفرن – يفرن و زوارة و العجيلات - .
قبائل لواتة : تقيم ناحية برقة " وهم عبارة عن مرابطون برقة اللذين
إختلطوا بالدفعات العربية الأولى من الهجرة " ، و لا توجد أي قبائل عربية
في برقة باستثناء مجموعتي الحرابة و المساعيد ، و هي أيضاً خليط بأمازيغ
لواتة و هوارة .
قبائل كتامة : تقيم ناحية الخمس و لبدة و أكبر قبائلها زواوة في مصراتة و بوقرين .
قبائل زواتة : في منطقة ودان و زلة و ما جاورها .
فبائل هوارة : من طرابلس وصولاً الى فزان مروراً بترهونة ، تاورغاء ، و ورفلة ، و مصراتة – مزمورة - ، غريان و مسلاتة .
قبائل لمطة و الأستوريون : ناحية زلة .
قبائل صنهاحة : أولاد أبوسيف النازحون من المغرب حديثاً – منذ ما يقارب
قرنين من الزمان - ، و جدهم هو عبد المولى الصنهاجي دفين منطقة – ككلة – في
جبل نفوسة ، و له زاوية شهيرة مسماة على اسمه ، و المرابطون في ورفلة "
الطبول ، و الفطمان و أولاد أبو راس ، و الزبيدات ، و المغاربة و الصرارة "
يمثلون زوية الصوفية في ورفلة " .
قبائل مزاتة : تقيم ناحية سرت .
أما عن الهجرات العربية الى ليبيا ، أبان حكم الدولة الفاطمية ، فإن
الحاكم الفاطمي الذي أطلق سهم القبائل المهاجرة الى شمال إفريقيا – بني
هلال – و – بني سليم - بما يقارب 150,000 نسمة – فقط - في القرنين السابع
والثامن ، فإن هدفه كان استرداد المنطقة من خصومه – الصنهاجيين – الذين
عزلوه عن الخلافة ، في هجرة تسببت في خراب لم تتسبب به حرب الخمس مئة عام ،
ففي كتاب تاريخ ليبيا الإسلامي يرد " إذا تذكرنا ؤلائك البدو الشرسين
الذين سبق لهم أن مارسوا ما ورثوه في دمائهم عن الجاهلية العربية من حب
الغزو و السبي أثناء وجودهم في الحجاز ، و أثناء وجودهم في صعيد مصر الى
الشرق من النيل ، استطعنا أن نتصور مدى ما ألحقوه بليبيا و افريقية من خراب
لم تشهد له المنطقة مثلاً لا من قبل و لا من بعد ، و هو خراب كان وبالا
على الزراعة و الموارد المائية و الأبنية و المنشآت في الدرجة الأولى ، و
امن و ثقافة في الدرجة الثانية ".
حيث وصف ابن خلدون العلامة ما
لحق برقة من خراب على يدي هؤلاء الأعراب المهاجرين و قال " و تمرست
بمدائنها بادية العرب و ناجعتهم فتحيفوها غارة و نهباً ، الى أن فسدت فيها
مذاهب المعاش و العمران فخربت " ، و يضيف في بند آخر قائلاً " و جميع بطون
هيب هذه استولت على إقليم طويل خربوا منه و لم يبق فيه مملكة و لا ولاية
إلا لأشياخهم ، و كانت الأمصار المستبحرة مثل لبدة و زويلة و برقة و قصر
حسان و أمثالها فعادت يباباً و مفاوز كأن لم تكن " !! ! .